نظرية الإنفجار الكبير

نظرية الإنفجار العظيم The Big Bang Theory
درجة التأكد : حقيقة علمية .. و الشغل فيها لزيادتها دقة و تفصيلا.


و تعتبر هي النظرية الأساسية و الإطار العام لعلم الكون Cosmology. و تؤكد النظرية أن الكون قد نشأ من نقطة متناهية الصغر, شديدة الحرارة و شديدة الكثافة قبل حوالي 13.8 مليار سنة (هامش الخطأ ± 0.037) إنفجرت و ظلت تتمدد و تتضخم, و أثناء هذا التمدد و التضخم بدا الكون يبرد تدريجيا و بدات النجوم و الكواكب في النشوء. فالكون بكل ما فيه من مادة وطاقة انبثق من حالة بدائية ذات كثافة وحرارة عاليتين شبيهة بالمتفردات الثقالية التي تتنبأ بها النسبية العامة.
و نظرية الإنفجار العظيم مبرهنة رياضيا و مثبتة بالأدلة المادية و بالقياسات الفلكية بحيث يمكن إعتبارها حقيقة علمية مؤكدة. فعن طريق الإنزياح الأحمر أو تأثير دوبلر (ظاهرة زيادة طول الموجة الكهرطيسية القادمة إلينا من أحد الأجرام السماوية بسبب سرعة ابتعاده عنا) نعرف أن كل النجوم و المجرات تتباعد و من ثم فالكون نفسه يتمدد .. و مادام الكون يتمدد إذن فلقد كان أصغر من ذلك في السابق. و بالتالي لو رجعنا بالزمن للوراء و مع حساب سرعة التمدد يمكننا التنبؤ بالزمن الذي احتاجه الكون حتى وصل إلى الحجم الراهن .. و يمكننا تقدير عمر الكون بنحو 13.8 مليار سنة.
تمدد الكون من حجم أصغر من ذرة إلي حجم البرتقالة في وقت أقل من جزء من تريليون من الثانية. ثم و بغضون 100 ثانية كان الكون بحجم نظامنا الشمسي بقطر يبلغ تريليونات من الأميال. و بينما كان هذا يحدث بدأت طاقة الكون الخام في البرودة فتكونت المادة في شكل عدد لا يحصى من الجسيمات دون الذرية و كانت أول مادة وجدت على الإطلاق. نصف هذة الجسيمات كانت مصنوعة من مادة هي نفس الشيء الذي نحن مصنوعون منه أما النصف الأخر فكان مصنوعا من شيء يسمى المادة المضادة. عندما تلتقي المادة و المادة المضادة تفنيان بعضهما مطلقتين وميضا من الطاقة. في هذة العملية التي فنت فيها الكثير من المادة و المادة المضادة كان هناك من المادة أكثر بقليل من المادة المضادة, و لذلك فقد نجى جزء من مليار من المادة. تلك البقايا من المادة هي ما شكلت الكون الحالي الذي نعيش فيه بل يمكن القول أننا أيضا مصنوعون من دخان الإنفجار الكبير.
في أوائل أيام الكون كان للجاذبية دور مهم لتلعبه و كانت الجاذبية قد بدأت بالإنفجار العظيم و لازالت تمارس قوتها إلي اليوم. و بعد الإنفجار العظيم كان الكون عبارة عن غاز توزع عبر فراغ الكون بتساو يقارب الكمال, و بعد 70,000 سنة من الإنفجار الكبير تصبح كثافة المادة في هذا الوقت والفوتونات متساوية. ويحدث أن تختلف كثافة المادة من مكان إلى مكان وإن كان ذلك اختلافا طفيفا (لأن واحد من أبسط قوانين الكون هو أن لا شيء كامل) و لذلك كانت أجزاء من بحر الغاز أقل كثافة من الأخرى بمقدار شديد الضآلة. المناطق الأقل كثافة كانت كالفجوات بين المناطق الأكثر كثافة من الغاز و قد لعبت الجاذبية دورها فألصقت المناطق الأكثر كثافة مع بعضها.

- نشوء العناصر و النجوم

كان معظم الكون عبارة عن غاز الهيدروجين و بفعل الجاذبية المعتاد تجمع ببطء في شكل غيوم, الهيدروجين هو أبسط الغازات لكن له خاصية مميزة إنه مصدر هائل للطاقة. الجاذبية ضغطت سحب الهيدروجين على مر السنين إلي أن أصبح الغاز في المركز ساخنا كفاية لحدوث الإندماج النووي الذي يوجد مادة أثقل هي الهيليوم و ليحول بعض المادة إلي طاقة و بذلك ينفجر أول نجم إلي الحياة. الهيليوم أثقل قليلا من الهيدروجين لذا فإنه يغرق عميقا إلى مركز النجم ثم تحتل ذرات الهيليوم مركز النجم و تنتج المزيد من الطاقة بالإضافة لعنصر آخر, الكربون. العميلة تكرر نفسها مرارا وتكرارا ويصبح النجم عبارة عن طبقات تماما كالبصلة حيث تكون العناصر الأقرب إلي المركز كالنيون و الأكسجين.
بنفس العملية نشأ الحديد, و لكن الحديد لا ينتج طاقة عندما يندمج لذا تبدأ النيران بالخمود. المزيد و المزيد من الحديد يتراكم في مركز النجم إلي أن ينفذ الوقود الباقي. ثم تتولى الجاذبية الموضوع فتسحق النجم على نفسه و بينما يصبح المركز مضغوطا أكثر و أكثر تستعر حرارته أكثر و أكثر. و أخيرا ينهار النجم و ينفجر. إنفجار النجم هو السوبرنوفا و هو موت نجم و ولادة شيء جديد. فإنفجار النجم يكون من القوة بحيث يجعل بعض الحديد يندمج مشكلا عناصر أثقل. و هكذا تتشكل العناصر الثقيلة كالذهب و البلاتين و الرصاص مصاغة في قلب نجم متفجر.
ثم تتجمع أحجام كبيرة من المادة مكونة المجرة. واستطاع مشروع يوهانيز شيدلار مشاهدة الكواسار CFHQS 1641+3755 على بعد 12.7 مليار سنة ضوئية, عندما كان عمر الكون 7 % من عمره الحالي. وقد استطاع رتشارد إليس ومجموعته من معهد التكنولوجيا ببسادينا في 11 يوليو 2007 مشاهدة 6 مجرات تتكون فيها نجوم على بعد 13.2 مليار سنة ضوئية باستخدام تليسكوب كيك 2 (Keck II) الموجود على جزيرة مونا كيا Mauna Kea، أي أنهم تكونوا وكان الكون 500 مليون سنة فقط. وحتى الآن لم تشاهد سوى 10 من تلك التشكيلات. وتبين صورة المنطقة العميقة جدا المأخوذة بتلسكوب هابل عددا من المجرات الصغيرة تتداخل لتكوين مجرات أكبر وهي على بعد 13 مليار من السنين الضوئية، عندما كان الكون 5 % من عمره الحالي .

- نشوء مجرة درب التبانة

درب التبانة (أو درب اللبانة) هي مجرة لولبية الشكل تحوي ما بين 200 إلى 400 مليار نجم ومن ضمنها الشمس، ويبلغ عرضها حوالي 100 ألف سنة ضوئية وسمكها حوالي ألف سنة ضوئية، ونحن نعيش على حافة تلك المجرة ضمن مجموعتنا الشمسية والتي تبعد نحو ثلثي المسافة عن مركز المجرة. و يقدر علماء الفلك أن مجرة درب التبانه تكونت قبل مدة زمنية تقدر بـ 13 مليار سنة تقريبا (ما بين 12 – 14 مليار سنة)، و تم تحديد عمر المجرة باستخدام تقانة علم التسلسل الزمني الكوني. ففي عام 2007، تم تقدير عمر نجم يدعىHE 1523-0901 و يقع خارج المجرة ويبعد عنا نحو 13.2 بليون سنة، أي ما يقارب عمر الكون. وهو يمثل أقدم جرم سماوي آنذاك فقد وضع حدوداً دنيا لعمر مجرة درب التبانة. تم التحقق من هذا التقدير بواسطة مطياف UV-Visual Echelle للتلسكوب العظيم. و لذلك أمكن تقدير عمر النجوم الواقعة في القرص المجري الرقيق بطريقة مشابهة لـHE 1523-0901. و كانت نتائج القياسات بحدود 8.8 مليار سنة مضت (بهامش خطأ ± 1.7)، وهذا يقترح بأن فجوة عمرها حوالى 5 مليار كانت هناك بين فترة تكون هالة درب التبانة وبين القرص الرقيق للمجرة.

- نشوء النظام الشمسي و كوكب الأرض

Solar Systemثم تكونت أجسام لها مقاييس المجموعة الشمسية، وتعتبر شمسنا من نجوم جيل متأخر حيث تحتوي على أنقاض من نجوم أجيال سابقة من النجوم، وتكونت الشمس منذ 5 مليار من السنين تقريبا (ما بين 8 – 9 مليار سنة بعد الانفجار العظيم). و منذ 4.54 مليار عام تكونت الأرض والكواكب الأخرى الموجودة في النظام الشمسي من سديم شمسي (كتلة قرصية الشكل من الغبار والغاز تبقت من تكون الشمس). وقد اكتمل تكوّن الأرض عن طريق هذه الأجزاء الخارجية في غضون فترة تتراوح ما بين 10 و 20 مليون عام. وفي بادئ الأمر كانت الأرض منصهرة، ثم بردت طبقتها الخارجية؛ لكي تكوّن قشرة صلبة وذلك عندما بدأت المياه تتراكم في الغلاف الجوي للأرض. ثم تكوّن القمر بعد ذلك بوقت قريب، وذلك عندما اصطدم جرم سماوي (في حجم كوكب المريخ و تمثل كتلته 10% من كتلة كوكب الأرض) بالأرض في صدمة عارضة. وبعد ذلك اندمجت أجزاء من هذا الجرم السماوي مع كوكب الأرض، وتناثرت أجزاء منه في الفضاء، ولكن أجزاء من هذا الجرم استقرت في مدار وكونت القمر. وقد نتج عن النشاط البركاني وانبعاث الغازات من كوكب الأرض تكون الغلاف الجوي الأساسي للكوكب. وقد تكونت المحيطات من تكثف بخار الماء الذي يزيد بفعل الثلوج والمياه السائلة التي تحملها الكويكبات والكواكب الأصلية الأكبر حجمًا والمذنبات وأي كوكب في النظام الشمس يدور حول الشمس على مسافة أبعد من نبتون.
ثم حدث تطور سريع ومبدئي لقشرة القارات الأرضية، تلاه تطور ثابت على المدى البعيد للمنطقة القارية. وإذا قيس ذلك بمقياس الزمن، فإنه قد استمر على مدى مئات الملايين من السنين؛ حيث إن سطح كوكب الأرض قد أعاد تشكيل نفسه بشكل مستمر حيث تكونت القارات، ثم انفصلت بعد ذلك. فالقارات تباعدت وتزحزحت على سطح الأرض ولكنها كانت تتجمع في بعض الأحيان مرة أخرى لكي تكوّن قارة كبيرة. وتعتبر قارة “رودينيا” إحدى أقدم القارات الكبيرة التي ظهرت منذ 750 مليون سنة تقريبًا، ثم بدأت أجزائها في الانفصال. ثم بعد ذلك تجمعت القارات مرة أخرى لكي تكون القارة العظمى “بانوتيا”، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 600 و 540 مليون عام، ثم تكونت في النهاية قارة بانجيا، التي انفصلت أجزاؤها منذ 180 مليون عام مضت.

من اهم علماء هذة النظرية

جورج لومتر : Georges Lemaître

ولد في 17 يوليو 1894 وتوفي في 20 يونيو 1966 وهو بلجيكي الأصل، كان أستاذا للفيزياء وعلم الفلك بالجامعة الكاثوليكية بمدينة لوفان. التحق لومتر عام 1923 بجامعة كامبريدج لدراسة علم الفلك، وتعلم على يد آرثر إدينجتون مؤسس علم الفلك الحديث دراسة النجوم والتحليل الرياضي ز ثم أمضى عاما في مرصد هارفارد كوليج بكامبريدج مع العالم هارلو شابلي والذي اشتهر ذاك الوقت عن بحوثه في السدم، ثم بدأ لومتر بحث الدكتوراه في العلوم في معهد ماساتشوستس للتقنية.
عاد عام 1925 إلى بلجيكا وكان يقوم بتدريس بعض المحاضرات في الجامعة الكاثوليكية بمدينة لوفان. ثم قام بنشر بحثا علميا في مجلة الكائفة العلمية ببروكسل التي أشهرته عام 1927 وكانت تحت عنوان ” كون متجانس ذو كتلة ثابتة ويتسع مسببا دوران السدم خارج المجرة.”
وقدم في هذه الرسالة فكرته الجديدة عن كون يتمدد (كما استنتج قانون هابل) وقام بتعيين أول تقدير لثابت هابل ولكن حتى ذلك الوقت لم يشير إلى الانفجار العظيم. ولكن كانت الحالة الأولى التي قام بدراستها تعود إلي كون أينشتاين الذي يتصف بأنه كون مستقر ذو حجم ثابت. ولم تلفت تلك الرسالة نظر الفلكيين في وقت نشرها حيث لم تقرأ خارج بلجيكا.
وفي ذلك الوقت لم يهتم أينشتاين كثيرا بالبحث الرياضي للومتر وكان رافضا لفكرة تمدد الكون، وعلق على رسالة لومتر قائلا : إن حسلباتك سليمة ولكن الفيزياء التي استخلصتها ليست واقعية.
Your math is correct, but your physics is abominable.
جورج لومتر
جورج لومتر

إدوين هابل : Edwin Hubble

(1889 – 1953) فلكي أمريكي أثبت وجود مجرات أخرى عدا المجرة اللبنية. ولد في مارشفيلد بولاية ميسوري بالولايات المتحدة الأمريكية، اشتغل ما بين عامي 1914-1917 في مرصد يوركس بجامعة شيكاغو ثم بمرصد جبل ويلسون سنة 1919 وأخيراً بمرصد جبل بالومَرْ (Mart-Paloner) سنة 1948 وفيه قام بتوجيه الأبحاث الجارية بواسطة التلسكوب.
لم تكن لدى علماء الفلك آنذاك طريقة لحساب عمر الكون، ولم يكونوا واثقين من وجود أي شيء أبعد من مجرة درب التبانة (أو الطريق اللبني) الذي تكوّن المجموعة الشمسية جزءا منه، ولكن هابل اكتشف في عام 1924 أن هناك المزيد من المجرات (فهناك في الحقيقة المليارات من المجرات), حيث أثبت أن الكون يتمدد مع الوقت بقيمة ثابتة, وهذا ما تقول به أهم نظريات نشأة الكون وهي نظرية الانفجار العظيم، حيث صححت صورة الكون الساكن ذي الحجم المحدود المستقر.
شهرة “هابل” أتت من كونه أول من اكتشف أن مجرة أندروميدا (بالتصليف الفلكي M31) تقع خارج مجرتنا ولا تتيعنا وبأنها مجرة مستقلة عن مجرتنا تماما ً. وقد استغل هابل ظاهرة الانزياح الأحمر لطيف المجرات على أنه ظاهرة دوبلر ووجد أن الانزياح الأحمر يتزايد بتزايد بعد المجرات عن الأرض. وهذا معناه أن المجرات ليست ثابتة في الكون، بل كلها يتحرك ويبتعد عنا. بذلك أثبت أن المجرات تتباعد عن بعضها البعض بسرعة متناسبة مع ابتعادها، وسميت هذه العلاقة بقانون هابل سنة 1929. هذا القانون ساهم كثيراً في اعتماد نظرية الانفجار الكبير.
يقدر معامل هابل لتمدد الكون 71 كيلومتر في الثانية لكل مليون بارزيك، حيث 1 بارزيك = 3و3 مليون سنة ضوئية.
باستخدام معامل هابل استطاع العلماء تقدير عمر الكون منذ الانفجار العظيم ب 13 إلى 5و14 بليون سنة.
تم إطلاق اسم “هابل” على التلسكوب الفضائي الذي وضعته في مداره وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية سنة 1990، ولا يزال هذا المرصد يؤدي الغرض منه حتي الآن، وأتانا بصور للأجسام السماوية في منتهى الدقة تبين تفاصيل لم نكن نعرفها من قبل، وكذلك صور لأعماق الكون يصل بعدها عنا نحو 10 مليارات من السنين الضوئية. ومن المرجح أن تقوم ناسا خلال عام 2009 ببعض التصليحات للمرصد هابل في الفضاء، بحيث يستمر في إجراء عمله لمدة سنوات أخرى.
إدوين هابل
إدوين هابل
أفلام مترجمة للتبسيط :
نشأة الكون: الانفجار العظيم
الأصول: كيف نشأت الأرض؟‬‎



تعليقات
0 تعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق